الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
إحْدَاهَا: لو نَوَى إقَامَةً بِشَرْطٍ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَقِيتُ فُلَانًا في هذا الْبَلَدِ أَقَمْتُ فيه وَإِلَّا فَلَا لم يَصِرْ مُقِيمًا بِذَلِكَ ثُمَّ إنْ لم يَلْقَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَقِيَهُ صَارَ مُقِيمًا إذَا لم يَفْسَخْ نِيَّتَهُ الْأُولَى فَإِنْ فَسَخَهَا قبل لِقَائِهِ أو حَالَ لِقَائِهِ فَهُوَ مُسَافِرٌ فَيَقْصُرُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ فَسَخَهَا بَعْدَ لِقَائِهِ فَهُوَ كَمَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ الْمَانِعَةَ من الْقَصْرِ ثُمَّ نَوَى السَّفَرَ قبل تَمَامِ الْإِقَامَةِ هل له الْقَصْرُ قبل شُرُوعِهِ في السَّفَرِ على وَجْهَيْنِ قاله ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له الْقَصْرُ حتى يَشْرَعَ في السَّفَرِ وَيَكُونُ كَالْمُبْتَدِئِ له كما لو تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الْمَجْدُ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ. قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ يَقْصُرُ إذَا سَافَرَ كما لو تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَنَقَلَهُ صَالِحٌ أَنَّهُ يَقْصُرُ من حِينِ نَوَى السَّفَرَ فَأَبْطَلَ النِّيَّةَ الْأُولَى بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بها وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. الثَّانِيَةُ لو مَرَّ بِوَطَنِهِ أَتَمَّ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعَنْهُ يَقْصُرُ إذَا لم يَكُنْ له حَاجَةٌ سِوَى الْمُرُورِ. وَلَوْ مَرَّ بِبَلَدٍ له فيه امْرَأَةٌ أو تَزَوَّجَ فيه أَتَمَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَنْهُ يُتِمُّ أَيْضًا إذَا مَرَّ بِبَلَدٍ له فيه أَهْلٌ أو مَاشِيَةٌ وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ أو مَالٌ. وقال في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ لَا مَالَ مَنْقُولٌ وَقِيلَ إنْ كان له بِهِ وَلَدٌ أو وَالِدٌ أو دَارٌ قَصَرَ وفي أَهْلِ غَيْرِهِمَا أو مَالٌ وَجْهَانِ. الثَّالِثَةُ لو فَارَقَ وَطَنَهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ بِقُرْبٍ لِحَاجَةٍ لم يَتَرَخَّصْ حتى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَهُ نَصَّ عليه وَكَذَا إنْ رَجَعَ عليه لِغَرَضِ الِاجْتِيَازِ بِهِ فَقَطْ لِكَوْنِهِ في طَرِيقِ مَقْصِدِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال الْمَجْدُ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ هذا ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا. وَأَمَّا على قَوْلِنَا يَقْصُرُ الْمُجْتَازُ على وَطَنِهِ فَيَقْصُرُ هُنَا في خُرُوجِهِ منه أَوَّلًا وَعَوْدِهِ إلَيْهِ وَاجْتِيَازِهِ بِهِ. قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت وهو ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْكَافِي انْتَهَى. وإذا فَارَقَ أَوَّلًا وَطَنَهُ بِنِيَّةِ الْمُضِيِّ بِلَا عَوْدٍ ثُمَّ بَدَا له الْعَوْدُ لِحَاجَةٍ فَتَرَخُّصُهُ قبل نِيَّةِ عَوْدِهِ جَائِزٌ وَبَعْدَهَا غَيْرُ جَائِزٍ لَا في عَوْدِهِ وَلَا في بَلَدِهِ حتى يُفَارِقَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ يَتَرَخَّصُ في عَوْدِهِ إلَيْهِ لَا فيه كَنِيَّةٍ طَارِئَةٍ لِلْإِقَامَةِ بِقَرْيَةٍ قَرِيبَةٍ منه. قال الْمَجْدُ وَيَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَقْصُرُ إذَا دخل وَطَنَهُ وَلَكِنْ يَقْصُرُ في عَوْدِهِ إلَيْهِ. الرَّابِعَةُ لَا يَنْتَهِي حُكْمُ السَّفَرِ بِبُلُوغِ الْبَلَدِ الذي يَقْصِدُهُ إلَّا إذَا لم يَنْوِ الْإِقَامَةَ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَنْصُوصُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَكْثَرِ وَقِيلَ بَلَى. الْخَامِسَةُ لو سَافَرَ من ليس بِمُكَلَّفٍ من كَافِرٍ وَحَائِضٍ سَفَرًا طَوِيلًا ثُمَّ كُلِّفَ بِالصَّلَاةِ في أَثْنَائِهِ فَلَهُ الْقَصْرُ مُطْلَقًا فِيمَا بَقِيَ وَقِيلَ يَقْصُرُ إنْ بَقِيَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَإِلَّا فَلَا وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ. السَّادِسَةُ لو رَجَعَ إلَى بَلَدٍ أَقَامَ بِهِ إقَامَةً مَانِعَةً تَرَخَّصَ مُطْلَقًا حتى فيه نَصَّ عليه لِزَوَالِ نِيَّةِ إقَامَتِهِ كَعَوْدِهِ مُخْتَارًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ كَوَطَنِهِ.
فائدة: كُلُّ من جَازَ له الْقَصْرُ جَازَ له الْفِطْرُ وَلَا عَكْسَ لِأَنَّ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ لَا مَشَقَّةَ عليه في الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وقد يَنْوِي الْمُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَيَقْطَعُهُمَا من الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ مَثَلًا فَيُفْطِرُ وَإِنْ لم يَقْصُرْ أَشَارَ إلَيْه ابن عَقِيلٍ لَكِنَّهُ لم يذكر الْفِطْرَ قال في الْفُرُوعِ فَقَدْ يُعَايَى بها وقال أَيْضًا وَلَعَلَّ ظَاهِرَ ما سَبَقَ أَنَّ من قَصَرَ جَمَعَ لِكَوْنِهِ في حُكْمِ الْمُسَافِرِ قال وَظَاهِرُ ما ذَكَرُوهُ في بَابِ الْجَمْعِ لَا يَجْمَعُ. وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ في بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ له الْجَمْعُ لَا ما زَادَ وَقِيلَ لِلْقَاضِي إذَا لم يَجْمَعْ إقَامَةً لَا يَقْصُرُ لِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ فقال لَا يُسَلَّمُ هذا بَلْ له الْجَمْعُ انْتَهَى. وقال في الْفُرُوعِ وَهَلْ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ من قَصَرَ قال الْأَصْحَابُ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ هو مُسَافِرٌ ما لم يَفْسَخْ أو يَنْوِي الْإِقَامَةَ أو يَتَزَوَّجُ أو يَقْدِرُ على أَهْلٍ. وقال الْأَصْحَابُ منهم بن عَقِيلٍ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ أَرْبَعَةٌ الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَالْمَسْحُ ثَلَاثًا وَالْفِطْرُ قال ابن عَقِيلٍ فَإِنْ نَوَى إقَامَةً تَزِيدُ على أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا وَخَرَجَ عن رُخْصَةِ السَّفَرِ وَيَسْتَبِيحُ الرُّخْصَ وَلَا يَخْرُجُ عن حُكْمِ السَّفَرِ إذَا نَوَى ما دُونَهَا.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَالْمَلَّاحُ الذي معه أَهْلُهُ وَلَيْسَ له نِيَّةُ الْإِقَامَةِ بِبَلَدٍ ليس له التَّرَخُّصُ أَنَّهُ إذَا لم يَكُنْ معه أَهْلُهُ له التَّرَخُّصُ وهو الْمَذْهَبُ وهو صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم ولم يَعْتَبِرْ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ في الْمَلَّاحِ وَمَنْ في حكمه كَوْنُ أَهْلِهِ معه فَلَا يَتَرَخَّصُ وَحْدَهُ قال في الْفُرُوعِ وهو خِلَافُ نُصُوصِهِ. فَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا فِيمَا إذَا كان معه أَهْلُهُ مع عَدَمِ التَّرَخُّصِ من الْمُفْرَدَاتِ قال الْأَصْحَابُ لِتَفْوِيتِ رَمَضَانَ بِلَا فَائِدَةٍ لِأَنَّهُ يَقْضِيهِ في السَّفَرِ وَكَمَا تَقْعُدُ امْرَأَتُهُ مَكَانَهَا كَمُقِيمٍ.
فائدة: قال في الرِّعَايَةِ وَمِثْلُ الْمَلَّاحِ من لَا أَهْلَ له وَلَا وَطَنَ وَلَا مَنْزِلَ يَقْصِدُهُ وَلَا يُقِيمُ بِمَكَانٍ وَلَا يَأْوِي إلَيْهِ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْهَائِمَ وَالسَّائِحَ وَالتَّائِهَ لَا يَتَرَخَّصُونَ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا الْمُكَارِي وَالرَّاعِي وَالْفَيْجُ وَالْبَرِيدُ وَنَحْوُهُمْ كَالْمَلَّاحِ لَا يَتَرَخَّصُونَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ عنه يَتَرَخَّصُونَ وَإِنْ لم يَتَرَخَّصْ الْمَلَّاحُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وقال سَوَاءٌ كان معه أَهْلُهُ أو لَا لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ مَشْقُوقٌ عليه بِخِلَافِ الْمَلَّاحِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ وأبو الْمَعَالِي وابن مُنَجَّا وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. الثَّانِيَةُ الْفَيْجُ بِالْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ من تَحْتٍ السَّاكِنَةِ وَالْجِيمِ رسول السُّلْطَانِ مُطْلَقًا وَقِيلَ رسول السُّلْطَانِ إذَا كان رَاجِلًا وَقِيلَ هو السَّاعِي قَالَهُ أبو الْمَعَالِي وَقِيلَ هو الْبَرِيدُ. قَوْلُهُ فَصْلٌ في الْجَمْعِ وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءَيْنِ في وَقْتِ إحْدَاهُمَا لِثَلَاثَةِ أُمُورٍ السَّفَرِ الطَّوِيلِ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْجَمْعِ في السَّفَرِ أَنْ تَكُونَ مُدَّتُهُ مِثْلَ مُدَّةِ الْقَصْرِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ وَيَجُوزُ أَيْضًا الْجَمْعُ في السَّفَرِ الْقَصِيرِ ذَكَرَهُ في الْمُبْهِجِ وَأَطْلَقَهُمَا.
تَنْبِيهٌ: يُؤْخَذُ من قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجُوزُ الْجَمْعُ أَنَّهُ ليس بِمُسْتَحَبٍّ وهو كَذَلِكَ بَلْ تَرْكُهُ أَفْضَلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَنَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ الْجَمْعُ أَفْضَلُ اخْتَارَهُ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَغَيْرُهُ كَجَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ. قَوْلُهُ في وَقْتِ إحْدَاهُمَا. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْجَمْعِ في وَقْتِ الْأُولَى كَالثَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ في الْمَذْهَبِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا الْمَشْهُورُ عن أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسَافِرِ إلَّا في وَقْتِ الثَّانِيَةِ إذَا كان سَائِرًا في وَقْتِ الْأُولَى اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَحَكَاه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً وَحَمَلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ على الِاسْتِحْبَابِ قَالَهُ في الْحَوَاشِي. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَّا لِسَائِرٍ مُطْلَقًا وقال ابن أبي مُوسَى الْأَظْهَرُ من مَذْهَبِهِ أَنَّ صِفَةَ الْجَمْعِ فِعْلُ الْأُولَى آخَرَ وَقْتِهَا وَفِعْلُ الثَّانِيَةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْجَمْعُ بين الصَّلَاتَيْنِ في السَّفَرِ يَخْتَصُّ بِمَحَلِّ الْحَاجَةِ لَا أَنَّهُ من رُخَصِ السَّفَرِ الْمُطْلَقَةِ كَالْقَصْرِ. وقال أَيْضًا في جَوَازِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ لِأَنَّا لَا نَثِقُ بِدَوَامِ الْمَطَرِ إلَى وَقْتِهَا. وَقِيلَ لَا يَصِحُّ جَمْعُ الْمُسْتَحَاضَةِ إلَّا في وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ السَّفَرِ الطَّوِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَكِّيِّ وَمَنْ قَارَبَهُ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عليه وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ في الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَازَ الْجَمْعِ لهم وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا أَوَّلَ الْبَابِ في الْقَصْرِ. قَوْلُهُ وَالْمَرَضُ الذي يَلْحَقُهُ بِتَرْكِ الْجَمْعِ فيه مَشَقَّةٌ وَضَعْفٌ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَرَضِ بِشَرْطِهِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ له الْجَمْعُ ذَكَرَهَا أبو الْحُسَيْن في تَمَامِهِ وابن عَقِيلٍ. وقال بَعْضُهُمْ إنْ جَازَ له تَرْكُ الْقِيَامِ جَازَ له الْجَمْعُ وَإِلَّا فَلَا.
فَوَائِدُ: منها يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَرَضِ لِلْمَشَقَّةِ بِكَثْرَةِ النَّجَاسَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ رِوَايَةً لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وقال أبو الْمَعَالِي هو كَمَرِيضٍ. وَمِنْهَا يَجُوزُ الْجَمْعُ أَيْضًا لِعَاجِزٍ عن الطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ. وَمِنْهَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ في مَعْنَاهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَعَنْهُ إنْ اغْتَسَلَتْ لِذَلِكَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا. وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لها الْجَمْعُ إلَّا في وَقْتِ الثَّانِيَةِ. وَمِنْهَا يَجُوزُ الْجَمْعُ أَيْضًا لِلْعَاجِزِ عن مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ كَالْأَعْمَى وَنَحْوِهِ قال في الرِّعَايَةِ أَوْمَأَ إلَيْهِ. وَمِنْهَا ما قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِمَنْ له شَغْلٌ أو عُذْرٌ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ كَخَوْفِهِ على نَفْسِهِ أو حَرَمِهِ أو مَالِهِ أو غَيْرِ ذلك انْتَهَى. وقد قال أَحْمَدُ في رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بن مُشَيْشٍ الْجَمْعُ في الْحَضَرِ إذَا كان عن ضَرُورَةٍ مِثْلُ مَرَضٍ أو شُغْلٍ قال الْقَاضِي أَرَادَ بِالشُّغْلِ ما يَجُوزُ معه تَرْكُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ من الْخَوْفِ على نَفْسِهِ أو مَالِهِ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَهَذَا من الْقَاضِي يَدُلُّ على أَنَّ أَعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ كُلَّهَا تُبِيحُ الْجَمْعَ. وَقَالَا أَيْضًا الْخَوْفُ يُبِيحُ الْجَمْعَ في ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ وَأَوْلَى لِلْخَوْفِ على ذَهَابِ النَّفْسِ وَالْمَالِ من الْعَدُوِّ قال في الْفُرُوعِ وَشَرْحِهِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ الْقَاضِي غَيْرُ غَلَبَةِ النُّعَاسِ. قُلْت صَرَّحَ بِذَلِكَ في الْوَجِيزِ فقال وَيَجُوزُ الْجَمْعُ لِمَنْ له شُغْلٌ أو عُذْرٌ يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ عَدَا نُعَاسٍ وَنَحْوِهِ. وقال في الْفَائِقِ بَعْدَ كَلَامِ الْقَاضِي قُلْت إلَّا النُّعَاسَ وَجَزَمَ في التَّسْهِيلِ بِالْجَوَازِ في كل ما يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيَّ الدِّينِ جَوَازَ الْجَمْعِ لِلطَّبَّاخِ وَالْخَبَّازِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ يُخْشَى فَسَادُ مَالِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ بِتَرْكِ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ وَالْمَطَرُ الذي يَبُلُّ الثِّيَابَ. وَمِثْلُهُ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ وَالْجَلِيدُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْجَمْعِ لِذَلِكَ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِشَرْطِهِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ الذي يَبُلُّ الثِّيَابَ أَنْ يُوجَدَ معه مَشَقَّةٌ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لم يَبُلَّ الثِّيَابَ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلطَّلِّ. قُلْت وهو بَعِيدٌ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. قَوْلُهُ إلَّا أَنَّ جَمْعَ الْمَطَرِ يَخْتَصُّ الْعِشَاءَيْنِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم أبو الْخَطَّابِ في رؤوس الْمَسَائِلِ فإنه جَزَمَ بِهِ فيها. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يَجُوزُ الْجَمْعُ كَالْعِشَاءَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينُ وَغَيْرُهُمْ ولم يذكر بن هُبَيْرَةَ عن أَحْمَدَ غَيْرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في نِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَالتَّسْهِيلِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَخِصَالِ بن الْبَنَّا وَالطُّوفِيِّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَالْحَاوِيَيْنِ. فَعَلَى الثَّانِي لَا يَجْمَعُ الْجُمُعَةَ مع الْعَصْرِ في مَحَلٍّ يُبِيحُ الْجَمْعَ قال الْقَاضِي أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ ذَكَرُوهُ في الْجُمُعَةِ وَيَأْتِي هُنَاكَ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ لِأَجْلِ الْوَحْلِ. على وَجْهَيْنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عِنْدَ الْحَلْوَانِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ. أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ قال الْقَاضِي قال أَصْحَابُنَا الْوَحْلُ عُذْرٌ يُبِيحُ الْجَمْعَ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال ابن رَزِينٍ هذا أَظْهَرُ وَأَقْيَسُ وَصَحَّحَه ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُصَنِّفِ في الْمُغْنِي وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس مَسَائِلِهِمَا وَالْمُبْهِجُ وَتَذْكِرَةُ بن عَبْدُوسٍ وَالْإِفَادَاتُ وَالتَّسْهِيلُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْعُمْدَةِ فإنه قال وَيَجُوزُ الْجَمْعُ في الْمَطَرِ بين الْعِشَاءَيْنِ خَاصَّةً وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا كان معه ظُلْمَةٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن أبي مُوسَى.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لم يُقَيِّدْ الْجُمْهُورُ الْوَحْلَ بِالْبَلَلِ وَذَكَرَ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في رؤوس مَسَائِلِهِمَا وغيرهما [وغيرها] أَنَّ الْجَوَازَ مُخْتَصٌّ بِالْبَلَلِ. الثَّانِيَةُ إذَا قُلْنَا يَجُوزُ لِلْوَحِلِ فَمَحَلُّهُ بين الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَلَا يَجُوزُ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وإن جَوَّزْنَاهُ لِلْمَطَرِ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ لِأَجْلِ الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ الْبَارِدَةِ. على وَجْهَيْنِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عِنْدَ الْحَلْوَانِيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ في الْوَحْلِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ.
فائدة: الصَّحِيحُ أَنَّ ذلك مُخْتَصٌّ بِالْعِشَاءَيْنِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ زَادَ في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي مع ظُلْمَةٍ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ كَالْمُصَنِّفِ في التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ يُصَلِّي في بَيْتِهِ أو في مَسْجِدِ طَرِيقِهِ تَحْتَ سَابَاطٍ على وَجْهَيْنِ. وَكَذَا لو نَالَهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا والمحرر [فالمحرر] وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ والحواشي وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ قال الْقَاضِي هذا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَنَصَرَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرِينَ. قال في الْمُنَوِّرِ وَيَجُوزُ لِمَطَرٍ يَبُلُّ الثِّيَابَ لَيْلًا وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَنِهَايَةِ بن رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْعُمْدَةِ كما تَقَدَّمَ. وَقِيلَ يَجُوزُ الْجَمْعُ هُنَا لِمَنْ خَافَ فَوْتَ مَسْجِدٍ أو جَمَاعَةٍ جَمَعَ. قال الْمَجْدُ هذا أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ مع أَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ في غَيْرِ هذه الصُّورَةِ كما تَقَدَّمَ. وَقَدَّمَ أبو الْمَعَالِي يَجْمَعُ الْإِمَامُ وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.
فائدة: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِعُذْرٍ من الْأَعْذَارِ سِوَى ما تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَوَازَ الْجَمْعِ لِتَحْصِيلِ الْجَمَاعَةِ وَلِلصَّلَاةِ في حَمَّامٍ مع جَوَازِهَا فيه خَوْفَ فَوْتِ الْوَقْتِ وَلِخَوْفٍ يَخْرُجُ في تَرْكِهِ أَيُّ مَشَقَّةٍ. قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ من تَأْخِيرِ الْأُولَى إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ أو تقديم [تقدم] الثَّانِيَةِ إلَيْهَا. هذا أَحَدُ الْأَقْوَالِ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عن أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا. وَقِيلَ يَفْعَلُ الْمَرِيضُ الْأَرْفَقَ بِهِ من التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وهو أَفْضَلُ ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ زَادَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ. وقال ابن رَزِينٍ وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ إلَّا في جَمْعِ الْمَطَرِ فإن التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ. وَعَنْهُ جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالْحَوَاشِي وقال ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قال الشَّارِحُ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَفِيهِ خُرُوجٌ من الْخِلَافِ وَعَمَلًا بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا. قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ ذَكَرَهُ في جَمْعِ السَّفَرِ. وقال في رَوْضَةِ الْفِقْهِ الْأَفْضَلُ في جَمْعِ الْمَطَرِ التَّأْخِيرُ وَقِيلَ جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ في السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ في حَقِّ الْمُسَافِرِ وقال نَصَّ عليه. وقال الْآمِدِيُّ إنْ كان سَائِرًا فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ وَإِنْ كان في الْمَنْزِلِ فَالْأَفْضَلُ التَّقْدِيمُ وقال في الْمُذْهَبِ الْأَفْضَلُ في حَقِّ من يُرِيدُ الِارْتِحَالَ في وَقْتِ الْأُولَى وَلَا يَغْلِبُ على ظَنِّهِ النُّزُولُ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ وفي غَيْرِ هذه الْحَالَةِ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ الْأُولَى إلَى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ انْتَهَى. وَقِيلَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَقِيلَ جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ في جَمْعِ الْمَطَرِ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَجَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ في غَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في جَوَازِ الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ لِأَنَّا لَا نَثِقُ بِدَوَامِهِ كما تَقَدَّمَ عنه. قُلْت ذَكَرَ في الْمُبْهِجِ وَجْهًا بِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ مُؤَخَّرًا بِعُذْرٍ الْمَطَرِ نَقَلَه ابن تَمِيمٍ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ هذه الْأَقْوَالِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ عِنْدَهُ فَلَوْ اسْتَوَيَا فقال في الْكَافِي وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ الْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ في الْمَرَضِ وفي الْمَطَرِ التَّقْدِيمُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ في الْمَرَضِ. قَوْلُهُ وَلِلْجَمْعِ في وَقْتِ الْأُولَى ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ نِيَّةُ الْجَمْعِ. يَعْنِي أَحَدَهَا نِيَّةُ الْجَمْعِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلْجَمْعِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ كما تَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالْمُسْتَوْعِبُ وَتَقَدَّمَ ذلك. قَوْلُهُ عِنْدَ إحْرَامِهَا. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ إحْرَامِ الصَّلَاةِ الْأُولَى وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُجْزِئَهُ النِّيَّةُ قبل سَلَامِهَا. وهو وَجْهٌ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قال في الْمُذْهَبِ وفي وَقْتِ نِيَّةِ الْجَمْعِ هذه وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَنْوِي الْجَمْعَ في أَيِّ جَزْءٍ كان من الصَّلَاةِ الْأُولَى من حِينِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ. وَقِيلَ تُجْزِئُهُ النِّيَّةُ بَعْدَ السَّلَامِ منها وَقَبْلَ إحْرَامِ الثَّانِيَةِ ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ عن أبي الْحُسَيْنِ وَقِيلَ تُجْزِئُهُ النِّيَّةُ عِنْدَ إحْرَامِ الثَّانِيَةِ اخْتَارَهُ في الْفَائِقِ وَقِيلَ مَحَلُّ النِّيَّةِ إحْرَامُ الثَّانِيَةِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ في التَّرْغِيبِ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ عِنْدَ إحْرَامِ الْأُولَى وَإِحْرَامِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا قال ابن تَمِيمٍ وَمَتَى قُلْنَا. مَحَلُّ النِّيَّةِ الْأُولَى فَهَلْ تَجِبُ في الثَّانِيَةِ على وَجْهَيْنِ وقال في الْحَوَاشِي وَمَتَى قُلْنَا مَحَلُّ النِّيَّةِ الْأُولَى لم تَجِبْ في الثَّانِيَةِ وَقِيلَ تَجِبُ. قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ. اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ في الْجَمْعِ في وَقْتِ الْأُولَى وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ وَأَخَذَهُ من رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَالْمَرُّوذِيِّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قبل مَغِيبِ الشَّفَقِ وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ له الْجَمْعُ. وَأَخَذَهُ أَيْضًا من نَصِّهِ في جَمْعِ الْمَطَرِ إذَا صلى أحداهما في بَيْتِهِ وَالصَّلَاةُ الْأُخْرَى في الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ هَكَذَا قال كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ زَادَ جَمَاعَةٌ فَقَالُوا لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ إذَا أَحْدَثَ وَالتَّكْبِيرِ في أَيَّامِ الْعِيدِ أو ذِكْرٍ يَسِيرٍ منهم صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ فيها وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ. وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ الْمَرْجِعُ في الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ إلَى الْعُرْفِ لَا حَدَّ له سِوَى ذلك قال وَقَدَّرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِقَدْرِ الْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ له وَقَدَّمَ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وابن تَمِيمٍ وَحَوَاشِي بن مُفْلِحٍ. قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمَرْجِعُ في طُولِهِ إلَى الْعُرْفِ وَإِنَّمَا قَرُبَ تَحْدِيدُهُ بِالْإِقَامَةِ وَالْوُضُوءِ لِأَنَّ هذا هو مَحَلُّ الْإِقَامَةِ وقد يَحْتَاجُ إلَى الْوُضُوءِ فيه وَهُمَا من مَصَالِحِ الصَّلَاةِ وَلَا تَدْعُو الْحَاجَةُ غَالِبًا إلَى غَيْرِ ذلك. وَلَا إلَى أَكْثَرِ من زَمَنِهِ انْتَهَيَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ. قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو أَقْيَسُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُرْفًا أو أَزْيَدَ من قَدْرِ وُضُوءٍ مُعْتَادٍ أو إقَامَةِ صَلَاةٍ بَطَلَ. وَاعْتَبَرَ بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ الْمُوَالَاةُ وقال مَعْنَاهَا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ وَلَا كَلَامٍ لِئَلَّا يَزُولَ مَعْنَى الِاسْمِ وهو الْجَمْعُ. وقال أَيْضًا إنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ في الثَّانِيَةِ وَقُلْنَا تَبْطُلُ بِهِ فَتَوَضَّأَ أو اغْتَسَلَ ولم يُطِلْ فَفِي بُطْلَانِ جُمْعِهِ احْتِمَالَانِ. وَحَكَى الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَجْهًا أَنَّ الْجَمْعَ يُبْطِلُهُ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ قال في النُّكَتِ هذا إذَا كان الْوُضُوءُ خَفِيفًا فَأَمَّا من طَالَ وُضُوءُهُ بِأَنْ يَكُونُ الْمَاءُ منه على بُعْدٍ بِحَيْثُ يَطُولُ الزَّمَانُ فإنه يَبْطُلُ جَمْعُهُ انْتَهَى وفي كَلَامِ الرِّعَايَةِ الْمُتَقَدِّمِ إيمَاءٌ إلَيْهِ وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ فَإِنْ صلى السُّنَّةَ بَيْنَهُمَا بَطَلَ الْجَمْعُ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهِيَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَحَوَاشِي بن مُفْلِحٍ وَشَرْحِ بن رَزِينٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَبْطُلُ كما لو تَيَمَّمَ قال الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ أَظْهَرُ الْقَوْلِ دَلِيلًا على عَدَمِ الْبُطْلَانِ إلْحَاقًا لِلسُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بِجُزْءٍ من الصَّلَاةِ لِتَأَكُّدِهَا. وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِ الرَّاتِبَةِ فَيَبْطُلُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقَطَعُوا بِهِ. وقال في الِانْتِصَارِ يَجُوزُ التَّنَفُّلُ أَيْضًا بَيْنَهُمَا. وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَيْنَهُمَا قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ رِوَايَةُ أبي طَالِبٍ تَدُلُّ على صِحَّةِ الْجَمْعِ وَإِنْ لم تَحْصُلْ الْمُوَالَاةُ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ لَا يَشْتَرِطُ الْمُوَالَاةَ في الْجَمْعِ. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يُطِلْ الصَّلَاةَ فَإِنْ أَطَالَهَا بَطَلَ الْجَمْعُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في الْوُضُوءِ.
فائدة: يُصَلِّي سُنَّةَ الظُّهْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ إنْ جَمَعَ في وَقْتِ الْعَصْرِ لم يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ لِبَقَاءِ الْوَقْتِ إذَنْ ويصلى في جَمْعٍ وَلِتَقْدِيمِ سُنَّةِ الْعِشَاءِ بَعْدَ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ على الصَّحِيحِ وقال ابن عَقِيلٍ الْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَذَكَرَ الْأَوَّلَ احْتِمَالًا. قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاتَيْنِ وَسَلَامِ الْأُولَى. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَحَوَاشِي بن مُفْلِحٍ وَغَيْرِهِمْ قال ابن تَمِيمٍ وَسَوَاءٌ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَمْ لَا. وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعُذْرِ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى قال ابن عَقِيلٍ لَا أَثَرَ لِانْقِطَاعِهِ عِنْدَ سَلَامِ الْأُولَى إذَا عَادَ قبل طُولِ الْفَصْلِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعُذْرِ في جَمِيعِ الصَّلَاةِ الْأُولَى اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ.
فَوَائِدُ: منها لو أَحْرَمَ بِالْأُولَى مع قِيَامِ الْمَطَرِ ثُمَّ انْقَطَعَ ولم يَعُدْ فَإِنْ لم يَحْصُلْ منه وَحَلَّ بَطَلَ الْجَمْعُ وَإِلَّا إنْ حَصَلَ منه وَحَلَّ وَقُلْنَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِأَجْلِهِ لم. تَبْطُلُ جَزَمَ بِه ابن تَمِيمٍ وابن مُفْلِحٍ في حَوَاشِيهِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ حَصَلَ بِهِ وَحَلَّ فَوَجْهَانِ انْتَهَى. وَلَوْ شَرَعَ في الْجَمْعِ مُسَافِرٌ لِأَجْلِ السَّفَرِ فَزَالَ سَفَرُهُ وَوُجِدَ وَحْلٌ أو مَرَضٌ أو مَطَرٌ بَطَلَ الْجَمْعُ. وَمِنْهَا يُعْتَبَرُ بَقَاءُ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ حتى يَفْرُغُ من الثَّانِيَةِ فَلَوْ قَدِمَ في أَثْنَائِهَا أو صَحَّ أو أَقَامَ بَطَلَ الْجَمْعُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَالْقَصْرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ فقال وَاسْتِمْرَارُ الْعُذْرِ حتى يَشْرَعَ في الثَّانِيَةِ فَيُتِمُّهَا نَفْلًا وَقِيلَ تَبْطُلُ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ كَانْقِطَاعِ الْمَطَرِ في الْأَشْهَرِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ نَتِيجَةَ الْمَطَرِ وَحْلٌ فَتَبِعَهُ وَهُمَا في الْمَعْنَى سَوَاءٌ قَالَهُ في الْفُرُوعِ. وقال في الْحَوَاشِي وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ انْقِطَاعُ الْمَطَرِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ في أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وقد يَخْلُفُهُ عُذْرٌ مُبِيحٌ وهو الْوَحْلُ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا انْتَهَى. وَمِنْهَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ شُرُوطٍ وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ وهو التَّرْتِيبُ لَكِنْ تَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ. قَوْلُهُ وَإِنْ جَمَعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَاهُ نِيَّةُ الْجَمْعِ في وَقْتِ الْأُولَى ما لم يَضِقْ عن فِعْلِهَا. هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الشَّارِحُ مَتَى جَمَعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ فَلَا بُدَّ من نِيَّةِ الْجَمْعِ في وَقْتِ الْأُولَى وَمَوْضِعُهَا في وَقْتِ الْأُولَى من أَوَّلِهِ إلَى أَنْ يَبْقَى منه قَدْرُ ما يُصَلِّيهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا انْتَهَى. وقال الْمَجْدُ وَإِنْ جَمَعَ في وَقْتِ الثَّانِيَةِ اُشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْجَمْعِ قبل أَنْ يَبْقَى من وَقْتِ الْأُولَى بِقَدْرِهَا لِفَوَاتِ فَائِدَةِ الْجَمْعِ وهو التَّخْفِيفُ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَهُمَا وَقَالَهُ غَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ. وَقِيلَ يَصِحُّ وَلَوْ بَقِيَ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ من وَقْتِهَا أو رَكْعَةٍ قال ابن الْبَنَّا في. الْعُقُودِ وَقْتُ النِّيَّةِ إذَا أَخَّرَ من زَوَالِ الشَّمْسِ أو غُرُوبِهَا إلَى أَنْ يَبْقَى من وَقْتِ الْأُولَى قَدْرُ ما يَنْوِيهَا فيه لِأَنَّهُ بِهِ يَكُونُ مُدْرِكًا لها أَدَاءً. قَوْلُهُ وَاسْتِمْرَارُ الْعُذْرِ إلَى دُخُولِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا. لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا. قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذلك. مُرَادُهُ غَيْرُ التَّرْتِيبِ فإنه يُشْتَرَطُ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَعَلَهُ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَنِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي أَصْلًا لِمَنْ قال بِعَدَمِ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِالنِّسْيَانِ في قَضَاءِ الْفَوَائِتِ. قال في النُّكَتِ فَدَلَّ على أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ. وَقِيلَ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِالنِّسْيَانِ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا هُنَا تَبَعٌ لِاسْتِقْرَارِهِمَا كَالْفَوَائِتِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ التَّرْتِيبُ مُعْتَبَرٌ هُنَا لَكِنْ بِشَرْطِ الذِّكْرِ كَتَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ. وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ منها تَخْرِيجًا بِالسُّقُوطِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ أَيْضًا بِضِيقِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَائِتَةٍ مع مُؤَدَّاةٍ وَإِنْ كان الْوَقْتُ لها أَدَاءً قَالَهُ الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ.
تَنْبِيهٌ: أَخْرَجَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذلك الْمُوَالَاةُ فَلَا تُشْتَرَطُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ تُشْتَرَطُ فَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ عَمْدًا وَتَكُونُ الْأُولَى قَضَاءً وَلَا يَقْصُرُهَا الْمُسَافِرُ. وَقَدَّمَ أبو الْمَعَالِي أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِهِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَصَحِيحَةٌ بِكُلِّ حَالٍ كما لو صلى الْأُولَى في وَقْتِهَا مع نِيَّةِ الْجَمْعِ ثُمَّ تَرَكَهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا بَأْسَ بِالتَّطَوُّعِ بَيْنَهُمَا نَصَّ عليه وَعَنْهُ مَنْعُهُ.
فائدة: لَا يُشْتَرَطُ اتِّخَاذُ الْإِمَامِ وَلَا الْمَأْمُومِ في صِحَّةِ الْجَمْعِ على الصَّحِيحِ من. الْمَذْهَبِ فَلَوْ صلى الْأُولَى وَحْدَهُ ثُمَّ صلى الثَّانِيَةَ إمَامًا أو مَأْمُومًا أو تَعَدَّدَ الْإِمَامُ بِأَنْ صلى بِهِمْ الْأُولَى وَصَلَّى الثَّانِيَةَ إمَامٌ آخَرُ أو بعدد [تعدد] الْمَأْمُومُ في الْجَمْعِ بِأَنْ صلى معه مَأْمُومٌ في الْأُولَى وَصَلَّى في الْأُخْرَى مَأْمُومٌ آخَرُ أو نَوَى الْجَمْعَ الْمَعْذُورَ من الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ كَمَنْ نَوَى الْجَمْعَ خَلَفَ من لَا يَجْمَعُ أو بِمَنْ لَا يَجْمَعُ صَحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ صَحَّ في الْأَشْهَرِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا صلى إحْدَى صَلَاتَيْ الْجَمْعِ في بَيْتِهِ وَالْأُخْرَى مع الْإِمَامِ فَلَا بَأْسَ وَصَحَّحَه ابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ عَدَمَ اتِّخَاذِهِ الْإِمَامَ وقال ابن عَقِيلٍ يُعْتَبَرُ اتِّخَاذُهُ الْمَأْمُومَ قال في الرِّعَايَةِ يُعْتَبَرُ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ اتِّخَاذُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ أَيْضًا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ.
قَوْلُهُ: فَصْلٌ في صَلَاةِ الْخَوْفِ قال الْإِمَامُ أبو عبد اللَّهِ صَحَّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلَاةُ الْخَوْفِ من خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أو سِتَّةٍ كُلُّ ذلك جَائِزٌ لِمَنْ فَعَلَهُ. وفي رِوَايَةٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ من سِتَّةِ أَوْجُهٍ أو سَبْعَةٍ قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ أَكْثَرُ من ذلك. فَمِنْ ذلك إذَا كان الْعَدُوُّ في جِهَةِ الْقِبْلَةِ صَفَّ الْإِمَامُ الْمُسْلِمِينَ خَلَفَهُ صَفَّيْنِ. يَعْنِي فَأَكْثَرَ فَهَذِهِ صِفَةُ ما صلى عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ في عُسْفَانَ. فَيُصَلِّي بِهِمْ جميعا إلَى أَنْ يَسْجُدَ فَيَسْجُدُ معه الصَّفُّ الذي يَلِيهِ وَيَحْرُسُ الْآخَرُ حتى يَقُومَ الْإِمَامُ إلَى الثَّانِيَةِ فَيَسْجُدُ وَيَلْحَقُهُ. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّ الصَّفَّ الْمُؤَخَّرَ هو الذي يَحْرُسُ أَوَّلًا كما قال الْمُصَنِّف قال في النُّكَتِ هو الصَّوَابُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ. وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن مُنَجَّا وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وتذكره ابن عَبْدُوسٍ وَالتَّسْهِيلِ وَحَوَاشِي بن مُفْلِحٍ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وقال الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ يَحْرُسُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَحْوَطُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا وَإِنْ صَفَّ في نَوْبَةِ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يَكُونُ كُلُّ صَفٍّ ثَلَاثَةً أو أَكْثَرَ وَقِيلَ أو أَقَلَّ ولم أَرَهُ لِغَيْرِهِ. الثَّانِيَةُ لو تَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ كان أَوْلَى لِلتَّسْوِيَةِ في فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وابن تَمِيمٍ وَقِيلَ يَجُوزُ من غَيْرِ أَفْضَلِيَّةٍ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. الثَّالِثَةُ لو حَرَسَ بَعْضُ الصَّفِّ أو جَعَلَهُمْ الْإِمَامُ صَفًّا وَاحِدًا جَازَ. الرَّابِعَةُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْرُسَ صَفٌّ وَاحِدٌ في الرَّكْعَتَيْنِ. الْخَامِسَةُ يُشْتَرَطُ في صَلَاةِ هذه الصِّفَةِ أَنْ لَا يَخَافُوا كَمِينًا وَأَنْ يَكُونَ قِتَالُهُمْ مُبَاحًا سَوَاءٌ كان حَضَرَا أو سَفَرًا وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ يَرَوْنَ الْكُفَّارَ لِخَوْفِ هُجُومِهِمْ. قَوْلُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي إذَا كان الْعَدُوُّ في غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ جَعَلَ طَائِفَةً حِذَاءَ الْعَدُوِّ. بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ يُشْتَرَطُ في الطَّائِفَةِ أَنْ تَكْفِيَ الْعَدُوَّ زَادَ أبو الْمَعَالِي بِحَيْثُ يَحْرُمُ فِرَارُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ في الطَّائِفَةِ عَدَدٌ على كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْخِرَقِيُّ وَالْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْعُقُودِ لِابْنِ الْبَنَّا وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ الطَّائِفَةَ. قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا الْقِيَاسُ وَصَحَّحَهُ في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. قال الْمُصَنِّفُ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُشْتَرَطَ عَدَدٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُشْتَرَطُ كَوْنُ كل طَائِفَةٍ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو أَشْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقِيلَ يُكْرَهُ أَنْ تَكُونَ الطَّائِفَةُ أَقَلَّ من ثَلَاثَةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. وَيَأْتِي في أَوَائِلِ كِتَابِ الْحُدُودِ مِقْدَارُ الطَّائِفَةِ.
فائدة: لو فَرَّطَ الْإِمَامُ في ذلك أو فِيمَا فيه حَظٌّ لِلْمُسْلِمِينَ أَثِمَ وَيَكُونُ قد أتى صغيره هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْفُصُولِ وَلَا يَقْدَحُ في الصَّلَاةِ إنْ قَارَنَهَا على الْأَشْبَهِ قال في الْفُصُولِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ. وَقِيلَ يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَإِنْ لم يَتَكَرَّرْ منه كَالْمُودَعِ وَالْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ إذَا فَرَّطَ في الْأَمَانَةِ ذَكَرَه ابن عَقِيلٍ وقال وَتَكُونُ الصَّلَاةُ معه مَبْنِيَّةً على إمَامَةِ الْفَاسِقِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ. قُلْت إنْ تَعَمَّدَ ذلك فَسَقَ قَطْعًا وَإِلَّا فَلَا. قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ في الْمُودَعِ وَالْوَصِيِّ وَالْأَمِينِ إذَا فَرَّطَ هذا الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ فإذا قَامُوا إلَى الثَّانِيَةِ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمَّتْ لِأَنْفُسِهَا أُخْرَى وَسَلَّمَتْ وَمَضَتْ إلَى الْعَدُوِّ. الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ التي تُتِمُّهَا لِنَفْسِهَا تَقْرَأُ فيها بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ وَتَنْوِي الْمُفَارَقَةَ لِأَنَّ من تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ ولم يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيَلْزَمُهَا أَيْضًا أَنْ تَسْجُدَ لِسَهْوِ إمَامِهَا الذي وَقَعَ منه قبل الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ فَرَاغِهَا. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ مُنْفَرِدَةٌ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وقال [وقيل] بن حَامِدٍ هِيَ مَنْوِيَّةٌ وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ مَنْوِيَّةٌ في كل صَلَاتِهِ فَيَسْجُدُونَ لِسَهْوِهِ فِيمَا أَدْرَكُوهُ وَفِيمَا فَاتَهُمْ كَالْمَسْبُوقِ وَلَا يَسْجُدُونَ لِسَهْوِهِمْ وَمَنَعَ أبو الْمَعَالِي انْفِرَادَهُ فإن من فَارَقَ إمَامَهُ فَأَدْرَكَهُ مَأْمُومٌ بَقِيَ على حُكْمِ إمَامَتِهِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ ثَبَتَ قَائِمًا يَعْنِي يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ حتى تَحْضُرُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى. قَوْلُهُ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّتْ معه الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ. فَيَقْرَأُ الْإِمَامُ إذَا جاؤوا [جاءوا] الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً إنْ لم يَكُنْ قَرَأَ وَإِنْ كان قَرَأَ قَرَأَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ وَلَا يُؤَخِّرُ الْقِرَاءَةَ إلَى مَجِيئِهَا قال ابن عَقِيلٍ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السُّكُوتُ وَلَا التَّسْبِيحُ وَلَا الدُّعَاءُ وَلَا الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ لم يَبْقَ إلَّا الْقِرَاءَةُ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ طَوِيلَةٍ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال لَا يَجُوزُ أَيْ يُكْرَهُ.
فائدة: يَكْفِي إدْرَاكُهَا لِرُكُوعِهَا وَيَكُونُ تَرْكُ الْإِمَامِ الْمُسْتَحَبَّ وفي الْفُصُولِ فَعَلَ مَكْرُوهًا. قَوْلُهُ فإذا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ أَتَمَّتْ لِأَنْفُسِهَا أُخْرَى وَتَشَهَّدَتْ وسلم بِهِمْ. هذا الْمَذْهَبُ أَعْنِي أنها تُتِمُّ صَلَاتَهَا إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ لِلتَّشَهُّدِ يَنْتَظِرُهُمْ حتى. يُسَلِّمَ بِهِمْ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْمُحَرَّرُ وَالْوَجِيزُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ له أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَهُمْ وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ قال ابن أبي مُوسَى لو أَتَمَّتْ بَعْدَ سَلَامِهِ جَازَ وَقِيلَ تَقْضِي الطَّائِفَةُ بَعْدَ سَلَامِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى تَسْجُدُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ معه لِسَهْوِهِ وَلَا تُعِيدُهُ لِأَنَّهَا تَنْفَرِدُ عنه وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ كَمَسْبُوقٍ وَقِيلَ إنْ سَهَا في حَالِ انْتِظَارِهَا أو سَهَتْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقُدْوَةِ وإذا لَحِقُوهُ في التَّشَهُّدِ هل يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فيه خِلَافٌ مَأْخُوذٌ مِمَّنْ زُحِمَ عن سُجُودٍ إذَا سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ أو سَهَا إمَامُهُ قبل لُحُوقِهِ أو سَهَا الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ دخل في جَمَاعَةٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ قَالَهُ أبو الْمَعَالِي وَأَوْجَبَ أبو الْخَطَّابِ سُجُودَ السَّهْوِ على الْمَزْحُومِ لِانْفِرَادِهِ بِفِعْلِهِ وَقِيَاسُ قَوْلِهِ في الْبَاقِي كَذَلِكَ. قال الْمَجْدُ وَانْفِرَادُ أبو الْخَطَّابِ عن أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ انْفِرَادَ الْمَأْمُومِ بِمَا لَا يَقْطَعُ قُدْوَتَهُ مَتَى سهى [سها] فيه أو بِهِ حَمَلَهُ عنه الْإِمَامُ وَنَصَّ عليه أَحْمَدُ في مَوَاضِعَ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْقُدْوَةِ. وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَهِيَ في حُكْمِ الِائْتِمَامِ قبل مُفَارَقَتِهِ إنْ سَهَا لَزِمَهُمْ حُكْمُ سَهْوِهِ وَسَجَدُوا له وَإِنْ سَهَوْا لم يَلْحَقْهُمْ حُكْمُ سَهْوِهِمْ وإذا فَارَقُوهُ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ لَا يَلْحَقُهُمْ سَهْوُهُ وَإِنْ سَهَوْا سَجَدُوا قَالَهُ في الْكَافِي وهو مُشْكِلٌ بِمَا تَقَدَّمَ في آخِرِ بَابِ السَّهْوِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لو سهى [سها] مع الْإِمَامِ أَنَّهُ يَسْجُدُ. الثَّانِيَةُ هذه الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ اختارها الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُهُ حتى قَطَعَ بها كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمُوهَا على الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْآتِي بَعْدُ وَفَضَّلُوهَا عليه وَفَعَلَهَا عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِذَاتِ الرِّقَاعِ. الثَّالِثَةُ هذه الصِّفَةُ تُفْعَلُ وَإِنْ كان الْعَدُوُّ في جِهَةِ الْقِبْلَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وقال الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ من شُرُوطِ هذه الصَّلَاةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَوْنُ الْعَدُوِّ في غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ قال الْمَجْدُ نَصُّ أَحْمَدَ مَحْمُولٌ على ما إذَا لم تَكُنْ صَلَاةَ عُسْفَانَ لِاسْتِئْثَارِ الْعَدُوِّ وَقَوْلُ الْقَاضِي مَحْمُولٌ على ما إذَا كانت صَلَاةَ عُسْفَانَ. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت الصَّلَاةُ مَغْرِبًا صلى بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً. بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عليه وَلَوْ صلى بِالْأُولَى رَكْعَةً وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ عَكْسُ الصِّفَةِ الْأُولَى صَحَّتْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عليه وفي الْفُرُوعِ تَخْرِيجٌ بِفَسَادِهَا من بُطْلَانِهَا إذَا فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ. قَوْلُهُ وَإِنْ كانت رُبَاعِيَّةً غير مَقْصُورَةٍ صلى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ. بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ صلى بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَبِالْأُخْرَى ثَلَاثًا صَحَّ ولم يُخَرِّجْ فيها في الْفُرُوعِ وَخَرَّجَ بن تَمِيمٍ الْبُطْلَانَ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ وَهَلْ تُفَارِقُهُ الْأُولَى في التَّشَهُّدِ أو في الثَّالِثَةِ على وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالشَّرْحِ. أَحَدُهُمَا تُفَارِقُهُ عِنْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تُفَارِقُهُ في الثَّالِثَةِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَنْتَظِرُ الْإِمَامُ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ جَالِسًا يُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ فإذا أَتَتْ قام زَادَ أبو الْمَعَالِي تُحْرِمُ معه ثُمَّ يَنْهَضُ بِهِمْ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي يَكُونُ الِانْتِظَارُ في الثَّالِثَةِ فَيَقْرَأُ سُورَةً مع الْفَاتِحَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ. قُلْت فَيُعَايَى بها. وَفِيهَا احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ في الْفُنُونِ يُكَرِّرُ الْفَاتِحَةَ.
فائدة: لَا تَتَشَهَّدُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ ليس مَحَلُّ تَشَهُّدِهَا وَقِيلَ تَتَشَهَّدُ معه إنْ قُلْنَا تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ لِئَلَّا تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ بِتَشَهُّدٍ وَاحِدٍ. قُلْت فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ يُعَايَى بها لَكِنْ يَظْهَرُ بَعْدَ هذا أَنْ يُقَالَ لَا تَتَشَهَّدُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ وإذا قَضَتْ تَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ وَيُتَصَوَّرُ في الْمَغْرِبِ أَيْضًا سِتُّ تَشَهُّدَاتٍ بِأَنْ يُدْرِكَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ في التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَيَتَشَهَّدَ معه وَيَكُونُ على الْإِمَامِ سُجُودُ سَهْوٍ مَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلَامِ فَيَتَشَهَّدُ معه ثَلَاثُ تَشَهُّدَاتٍ ثُمَّ يَقْضِي فَيَتَشَهَّدُ عَقِيبَ رَكْعَةٍ وفي آخِرِ صَلَاتِهِ وَلِسَهْوٍ لِمَا يَجِبُ سُجُودُهُ بَعْدَ السَّلَامِ بِأَنْ يُسَلِّمَ قبل إتْمَامِ صَلَاتِهِ فَيُعَايَى بها. قَوْلُهُ وَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً صَحَّتْ صَلَاةُ الْأُولَيَيْنِ. لِمُفَارَقَتِهِمَا قبل الِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وهو الْمُبْطِلُ ذَكَرَ هذا التَّعْلِيلَ بن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ قال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ احْتَاجَ إلَى هذا التَّفْرِيقِ أو لَا. قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْأُخْرَيَيْنِ إنْ عَلِمَتَا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ في الْمَسْأَلَتَيْنِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي على أَصْلِنَا إنْ كان هذا الْفِعْلُ لِحَاجَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْكُلِّ كَحَاجَتِهِمْ. إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَالْجَيْشُ أَرْبَعُمِائَةٍ لِجَوَازِ الِانْفِرَادِ لِعُذْرٍ وَالِانْتِظَارُ إنَّمَا هو تَطْوِيلُ قِيَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ وَإِنْ كان لِغَيْرِ حَاجَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْأُولَى لِجَوَازِ مُفَارَقَتِهَا بِدَلِيلِ جَوَازِ صَلَاتِهِ بِالثَّانِيَةِ الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثَ وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةُ لِانْفِرَادِهَا بِلَا عُذْرٍ وهو مُبْطِلٌ على الْأَشْهَرِ وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لِدُخُولِهِمَا في صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ قال ابن تَمِيمٍ وهو أَحْسَنُ. وَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْكُلِّ بِنِيَّةِ صَلَاةٍ مُحَرَّمٍ ابْتِدَاؤُهَا. وَقِيلَ تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَقَطْ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لِانْصِرَافِهِمَا في غَيْرِ مَحَلِّهِ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْأُخْرَيَيْنِ إنْ عَلِمَتَا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ أَنَّهُمَا إذَا جَهِلَتَا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ تَصِحُّ صَلَاتُهُمَا وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ بِشَرْطِ أَنْ يَجْهَلَ الْإِمَامُ أَيْضًا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال ابن تَمِيمٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ جَهْلُ الْإِمَامِ أَيْضًا وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَلَوْ لم يَجْهَلْ الْإِمَامُ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ. قال في الْفُرُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِهَذَا قِيلَ لَا تَصِحُّ كَحَدَثِهِ. وَقِيلَ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ جَهِلُوا لِلْعِلْمِ بِالْمُفْسِدِ. قال الْمَجْدُ وهو أَقْيَسُ على أَصْلِنَا وَالْجَهْلُ بِالْحُكْمِ لَا تَأْثِيرَ له كَالْحَدَثِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت وَلَوْ قال قَائِلٌ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الجميع [الجمع] إذَا لم يَكُنْ التَّفْرِيقُ لِحَاجَةٍ ولم يَعْذُرْ المأمومون [المأمومين] لِجَهْلِهِمْ لم يَبْعُدْ. قَوْلُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يصلى بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً ثُمَّ تَمْضِيَ إلَى الْعَدُوِّ وَتَأْتِيَ الْأُخْرَى فَيُصَلِّيَ بها رَكْعَةً وَيُسَلِّمَ وَحْدَهُ وَتَمْضِيَ هِيَ ثُمَّ تَأْتِيَ الْأُولَى فَتُتِمَّ صَلَاتَهَا ثُمَّ تَأْتِيَ الْأُخْرَى فَتُتِمَّ صَلَاتَهَا. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ إذَا أَتَمَّتْهَا الطَّائِفَةُ الْأُولَى تَلْزَمُهَا الْقِرَاءَةُ فِيمَا تَقْضِيهِ. على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ. وقال الْقَاضِي في جَامِعِهِ الصَّغِيرِ لَا قِرَاءَةَ عليها بَلْ إنْ شَاءَتْ قَرَأَتْ وَإِنْ شَاءَتْ لم تَقْرَأْ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَّةٌ بِالْإِمَامِ حُكْمًا انْتَهَى. وَلَوْ زَحَمَ الْمَأْمُومُ أو نَامَ حتى سَلَّمَ إمَامُهُ قَرَأَ فِيمَا يَقْضِيهِ نَصَّ عليه وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي لَا يَحْتَاجُ إلَى قِرَاءَةٍ قاله ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ. قُلْت فَيُعَايَى بها على قَوْلٍ فِيهِمَا. وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَتَلْزَمُهَا الْقِرَاءَةُ فِيمَا تَقْضِيهِ وَجْهًا وَاحِدًا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا هذه الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَرَدَتْ في حديث ابن عُمَرَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ وَلَيْسَتْ مُخْتَارَةً عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ بَلْ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُمْ الْوَجْهُ الثَّانِي كما تَقَدَّمَ. الثَّانِيَةُ لو قَضَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى رَكْعَتَهَا حين تُفَارِقُ الْإِمَامَ وَسَلَّمَتْ ثُمَّ مَضَتْ وَأَتَتْ الْأُولَى فَأَتَمَّتْ كَخَبَرِ بن مَسْعُودٍ صَحَّ وَهَذِهِ الصِّفَةُ أَوْلَى عِنْدَ بَعْضِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَاقْتَصَرَ عليه قال ابن تَمِيمٍ وهو أَحْسَنُ. قَوْلُهُ الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يصلى بِكُلِّ طَائِفَةٍ صَلَاةً وَيُسَلِّمَ بها. تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَإِنْ مَنَعْنَا اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وقال هو أَصَحُّ وَغَيْرِهِمْ وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ على اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ. وَهَذِهِ الصِّفَةُ فَعَلَهَا عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ من حديث أبي بَكْرَةَ. قَوْلُهُ الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنْ يصلى الرُّبَاعِيَّةَ الْمَقْصُورَةَ تَامَّةً وتصلى. معه كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَقْضِيَ شيئا فَتَكُونُ له تَامَّةً وَلَهُمْ مَقْصُورَةً. الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّلَاةَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ صَحِيحَةٌ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال الْمَجْدُ لَا تَصِحُّ لِاحْتِمَالِ سَلَامِهِ من كل رَكْعَتَيْنِ فَتَكُونُ الصِّفَةُ التي قَبْلَهَا قال وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُ هذه الصِّفَةِ مع الشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ وَنَصَرَاهُ وَهَذِهِ الصِّفَةُ فَعَلَهَا عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ في ذَاتِ الرِّقَاعِ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. قُلْت فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعَايَى بها.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو قَصَرَ الصَّلَاةَ الْجَائِزَ قَصْرُهَا وَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا قَضَاءٍ صَحَّ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وقال وهو الْمُخْتَارُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. قال في الْفُرُوعِ وَمَنَعَ الْأَكْثَرُ صِحَّةَ هذه الصِّفَةِ قال الشَّارِحُ وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَمَالَ إلَيْهِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ. قال الْقَاضِي الْخَوْفُ لَا يُؤَثِّرُ في نَقْصِ الرَّكَعَاتِ. قال في الْكَافِي كَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ من الْوُجُوهِ الْجَائِزَةِ إلَّا أَنَّ أَصْحَابَهُ قالوا لَا تَأْثِيرَ لِلْخَوْفِ في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَحَمَلُوا هذه الصِّفَةَ على شِدَّةِ الْخَوْفِ انْتَهَى. وَهَذَا هو الْوَجْهُ السَّادِسُ. قال الشَّارِحُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا. الْوَجْهُ السَّادِسُ أَنْ يصلى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً وَلَا يقضى شيئا. وَكَذَا قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وكان بَعْضُ مَشَايِخِنَا يقول الْوَجْهُ السَّادِسُ. إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَهَذِهِ الصِّفَةُ صَلَّاهَا عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِذِي قِرْدٍ رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْأَثْرَمُ من حديث بن عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بن ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ. الثَّانِيَةُ تَصِحُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ في الْخَوْفِ فَيُصَلِّي بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً بَعْدَ حُضُورِهَا الْخُطْبَةَ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا حُضُورُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى لها وَقِيلَ أو الثَّانِيَةِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَإِنْ أَحْرَمَ بِاَلَّتِي لم تَحْضُرْهَا لم تَصِحَّ حتى يَخْطُبَ لها وَيُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ كُلُّ طَائِفَةٍ أَرْبَعِينَ بِنَاءً على اشْتِرَاطِهِ في الْجُمُعَةِ وَتَقْضِي كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا جَهْرٍ. قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ تَبْطُلَ إنْ بَقِيَ مُنْفَرِدًا بَعْدَ ذَهَابِ الطَّائِفَةِ كما لو نَقَصَ الْعَدَدُ وَقِيلَ يَجُوزُ هُنَا لِلْعُذْرِ لِأَنَّهُ مُتَرَقِّبٌ لِلطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ. قال أبو الْمَعَالِي وَإِنْ صَلَّاهَا كَخَبَرِ بن عُمَرَ جَازَ. وَأَمَّا صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ فقال أبو الْمَعَالِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ تُصَلَّى ضَرُورَةً كَالْمَكْتُوبَةِ وَكَذَا الْكُسُوفُ وَالْعِيدُ إلَّا أَنَّهُ آكَدُ من الِاسْتِسْقَاءِ. قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْمِلَ معه في الصَّلَاةِ من السِّلَاحِ ما يَدْفَعُ بِهِ عن نَفْسِهِ وَلَا يُثْقِلُهُ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ وهو وَجْهٌ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَحَكَاهُ أبو حَكِيمٍ النَّهْرَوَانِيُّ عن أبي الْخَطَّابِ. قال الشَّارِحُ هذا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت أَمَّا على بَعْضِ الْوُجُوهِ فِيمَا إذَا حَرَسَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَهِيَ في حُكْمِ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ قَوْلًا وَاحِدًا لِوُجُوبِ الدَّفْعِ عن الْمُسْلِمِينَ وَأَمَّا في غَيْرِ ذلك فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ الدَّفْعُ عن النَّفْسِ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا كان مُسْتَحَبًّا انْتَهَى. وقال في الْمُنْتَخَبِ هل يُسْتَحَبُّ فيه رِوَايَتَانِ نَقَلَ بن هَانِئٍ لَا بَأْسَ وَقِيلَ يَجِبُ مع عَدَمِ أَذَى مَطَرٍ أو مَرَضٍ وَلَوْ كان السِّلَاحُ مُذَهَّبًا وَلَا يُشْتَرَطُ حَمْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ فيه تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا يُثْقِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَثْقَلَهُ لَا يُسْتَحَبُّ حَمْلُهُ في الصَّلَاةِ كَالْجَوْشَنِ وهو صَحِيحٌ بَلْ يُكْرَهُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ. الثَّانِي يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ما لَا يُثْقِلُهُ وَلَكِنْ يَمْنَعُهُ من إكْمَالِ الصَّلَاةِ كَالْمِغْفَرِ أو يُؤْذِي غَيْرَهُ كَالرُّمْحِ إذَا كان مُتَوَسِّطًا فَإِنْ حَمَلَ ذلك لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يُكْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إلَّا من حَاجَةٍ وقد جَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ. وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ يُكْرَهُ ما يَمْنَعُهُ من اسْتِيفَاءِ الْأَرْكَانِ قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ اسْتِيفَاؤُهَا على الْكَمَالِ وقال في الْفُصُولِ في مَكَان آخَرَ إلَّا في حَرْبٍ مُبَاحٍ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال ولم يَسْتَثْنِ في مَكَان آخَرَ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَجُوزُ حَمْلُ النَّجَسِ في هذه الْحَالِ لِلْحَاجَةِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ نَجَسٍ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَنْ يَخَافُ وُقُوعَ الْحِجَارَةِ وَالسِّهَامِ وقال في الرِّعَايَةِ وَيُسَنُّ حَمْلُ كَذَا وَقِيلَ يَجِبُ مع عَدَمِ أَذًى وَإِنْ كان السلاح [للسلاح] مَذْهَبًا وَقِيلَ أو نَجَسًا من عَظْمٍ أو جِلْدٍ أو عَصَبٍ وَرِيشٍ وشعر [وشهم] وَنَحْوُ ذلك. وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ في الصَّلَاةِ سِلَاحًا فيه نَجَاسَةٌ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ مع عَدَمِ الْحَاجَةِ جَمْعًا بين الْأَقْوَالِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّعَايَةِ أَنَّ في الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا. وَحَيْثُ حَمَلَ ذلك وَصَلَّى فَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا وقال في الرِّعَايَةِ من عِنْدِهِ يَحْتَمِلُ الْإِعَادَةَ وَعَدَمَهَا وَجْهَيْنِ. قُلْت يُعْطَى لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ نَظَائِرِهَا مِثْلُ ما لو تَيَمَّمَ خَوْفًا من الْبَرْدِ وَصَلَّى على ما تَقَدَّمَ. الثَّانِيَةُ قال ابن عَقِيلٍ حَمْلُ السِّلَاحِ في غَيْرِ الْخَوْفِ في الصَّلَاةِ مَحْظُورٌ وَقَالَهُ الْقَاضِي وقال الْقَاضِي أَيْضًا من رَفْعِ الْجُنَاحِ عَنْهُمْ رَفْعُ الْكَرَاهَةِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ في غَيْرِ الْعُذْرِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وَلَا يُكْرَهُ في غَيْرِ الْعُذْرِ وهو أَظْهَرُ انْتَهَى. قَوْلُهُ وإذا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلُّوا رِجَالًا وَرُكْبَانًا إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا يُومِئُونَ إيمَاءً على الطَّاقَةِ. فَأَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُؤَخَّرُ في شِدَّةِ الْخَوْفِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ له التَّأْخِيرُ إذَا احْتَاجَ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ. قال في الْفَائِقِ وفي جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عن وَقْتِهَا لِقِتَالٍ رِوَايَتَانِ قال في الرِّعَايَةِ رَجَعَ أَحْمَدُ عن جَوَازِ تَأْخِيرِهَا حَالَ الْحَرْبِ قال في التَّلْخِيصِ وَالصَّحِيحُ الرُّجُوعُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ فَالْحُكْمُ في صَلَاةٍ تُجْمَعُ مع ما بَعْدَهَا فَإِنْ كانت أَوْلَى الْمَجْمُوعَتَيْنِ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا وَالْخَوْفُ يُبِيحُ الْجَمْعَ في ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ إلَى الْقِبْلَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ ذلك على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ. إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُمْ وَهِيَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ قال في الْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَلَا يَجِبُ على الْأَصَحِّ قال في التَّلْخِيصِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَلَا يَلْزَمُ على الْأَظْهَرِ. قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالصَّحِيحُ لَا يَجِبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وفي الْوَجِيزِ تَنْبِيهَانِ. أَحَدُهُمَا مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لم يُمْكِنْهُ افْتِتَاحُ الصَّلَاةِ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً عن أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَحَكَى أبو بَكْرٍ في الشَّافِي وابن عَقِيلٍ رِوَايَةً بِاللُّزُومِ وَالْحَالَةُ هذه وهو بَعِيدٌ وَكَيْفَ يَلْزَمُ شَيْءٌ لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ وَقَدَّمَ هذه الطَّرِيقَةَ في الرِّعَايَةِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. قال ابن تَمِيمٍ وفي وُجُوبِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ إلَى الْقِبْلَةِ رِوَايَتَانِ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا ذلك مع الْقُدْرَةِ وَلَا يَجِبُ ذلك مع الْعَجْزِ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وقال عبد الْعَزِيزِ في الشَّافِي يَجِبُ ذلك مع الْقُدْرَةِ وَمَعَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ بن عَقِيلٍ ذلك انْتَهَى. الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ وَالْحَالَةُ هذه تَنْعَقِدُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهَادِي وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَرْبٍ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ تَنْعَقِدُ نَصَّ عليه في الْمَنْصُوصِ فَدَلَّ على أنها تَجِبُ وهو ظَاهِرُ ما احْتَجُّوا بِهِ انْتَهَى وَاخْتَارَ بن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ أنها لَا تَنْعَقِدُ. وَقِيلَ تَنْعَقِدُ وَلَا تَجِبُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ من قَوْلِهِمْ وَيَجُوزُ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعْفَى عن تَقَدُّمِ الْإِمَامِ وَعَنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ بِشَرْطِ إمْكَانِ الْمُتَابَعَةِ وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ من رُكُوعِهِ وَلَا يَجِبُ سُجُودُهُ على دَابَّتِهِ وَلَهُ الْكَرُّ وَالْفَرُّ وَالضَّرْبُ وَالطَّعْنُ وَنَحْوُ ذلك لِلْمَصْلَحَةِ وَلَا يَزُولُ الْخَوْفُ إلَّا بِانْهِزَامِ الْكُلِّ. قَوْلُهُ وَمَنْ هَرَبَ من عَدُوٍّ هَرَبًا مُبَاحًا أو من سَيْلٍ أو من سَبُعٍ كَالنَّارِ فَلَهُ أَنْ يصلى كَذَلِكَ. وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ إنْ كَثُرَ دَفْعُ الْعَدُوِّ من سَيْلٍ وَسَبُعٍ وَسُقُوطِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ أَبْطَلَ الصَّلَاةَ.
فائدة: مِثْلُ السَّيْلِ وَالسَّبُعِ خَوْفُهُ على نَفْسِهِ أو أَهْلِهِ أو مَالِهِ أو ذَبُّهُ عنه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ أو خَوْفُهُ على غَيْرِهِ. وَعَنْهُ لَا يصلى كَذَلِكَ لِخَوْفِهِ على غَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي كَذَلِكَ لِخَوْفِهِ على مَالِ غَيْرِهِ وَعَنْهُ بَلَى. قَوْلُهُ وَهَلْ لِطَالِبِ الْعَدُوِّ الْخَائِفِ فَوْتَهُ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ على رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُمَا تَجُوزُ له الصَّلَاةُ كَذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال في النَّظْمِ يَجُوزُ في الْأُولَى وَنَصَرَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يَجُوزُ على الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ بن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ اختارها الْقَاضِي وَصَحَّحَهَا ابن عَقِيلٍ قال في الْخُلَاصَةِ وَلَا يُصَلِّيهَا إلَّا إذَا كان طَالِبًا لِلْعَدُوِّ على الْأَصَحِّ وَقِيلَ إنْ خَافَ عَوْدَهُ عليه صلى كَخَائِفٍ وَإِلَّا فَكَآمِنٍ قاله ابن أبي مُوسَى وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَنَقَلَ أبو دَاوُد في الْقَوْمِ يَخَافُونَ فَوْتَ الْغَارَةِ فَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أو يُصَلُّونَ على دَوَابِّهِمْ قال كُلٌّ أَرْجُو.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا من خَافَ كَمِينًا أو مَكِيدَةً أو مَكْرُوهًا إنْ تَرَكَهَا صلى صَلَاةَ خَوْفٍ قال ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا رِوَايَةً وَاحِدَةً وَلَا يُعِيدُ على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ. الثَّانِيَةُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مع وُجُودِ الْمَاءِ لِلْخَائِفِ فَوْتَ عَدُوِّهِ كَالصَّلَاةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ هُنَا فَيُعَايَى بها. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وقال في الْفُرُوعِ في بَابِ التَّيَمُّمِ وفي فَوْتِ مَطْلُوبِهِ رِوَايَتَانِ. الثَّالِثَةُ يَجُوزُ لِلْخَائِفِ فَوْتَ وَقْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ صَلَاةُ الْخَوْفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وهو الصَّوَابُ وهو احْتِمَالُ وَجْهٍ في الرِّعَايَةِ قال ابن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ صلى مَاشِيًا في الْأَصَحِّ. الرَّابِعَةُ لو رَأَى سَوَادًا فَظَنَّهُ عَدُوًّا أو سَبُعًا فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ بَانَ بِخِلَافِهِ ففي [في] الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَ عَدَمَ الْإِعَادَةِ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ في الْأَسْفَارِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنَّهَا نَادِرَةٌ في نَفْسِهَا. وَقِيلَ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ خَائِفٍ وهو احْتِمَالُ وَجْهٍ في الرِّعَايَةِ أَيْضًا. وَقِيلَ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ إلَى أَمْنِهِ وهو احْتِمَالٌ أَيْضًا في مُخْتَصَرِ بن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَهُنَّ أَوْجَهُ في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ وَمَنْ صلى صَلَاةَ الْخَوْفِ لِسَوَادٍ ظَنَّهُ عَدُوًّا فَبَانَ أَنَّهُ ليس بِعَدُوِّ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا إعَادَةَ عليه. وَذَكَرَه ابن هُبَيْرَةَ رِوَايَةً وقال في التَّبْصِرَةِ إذَا ظَنُّوا سَوَادًا عَدُوًّا لم يَجُزْ أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْخَوْفِ.
فائدة: لو ظَهَرَ أَنَّهُ عَدُوٌّ وَلَكِنَّهُ يَقْصِدُ غَيْرَهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عليه لِوُجُودِ سَبَبِ الْخَوْفِ بِوُجُودِ عَدُوٍّ يَخَافُ هُجُومَهُ كما لَا يُعِيدُ من خَافَ عَدُوًّا في تَخَلُّفِهِ عن رَفِيقِهِ فَصَلَّاهَا ثُمَّ بَانَ أَمْنُ الطَّرِيقِ وَقِيلَ عليه الْإِعَادَةُ. قَوْلُهُ أو بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ما يَمْنَعُهُ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. وهو الْمَذْهَبُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ لَا إعَادَةَ عليه وَقِيلَ لَا إعَادَةَ إنْ خَفِيَ الْمَانِعُ وَإِلَّا أَعَادَ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا لو خَافَ هَدْمَ سُورٍ أو طَمَّ خَنْدَقٍ إنْ صلى آمِنًا صلى صَلَاةَ خَائِفٍ ما لم يُعْلَمْ خِلَافُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن عَقِيلٍ يُصَلِّي آمِنًا ما لم يَظُنَّ ذلك. الثَّانِيَةُ صَلَاةُ النَّفْلِ مُنْفَرِدًا يَجُوزُ فِعْلُهَا كَالْفَرْضِ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ هل يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ في اشْتِدَادِ الْخَوْفِ.
|